قسوة القلب
قال ابن القيّم رحمه الله
ما عوقب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب والبعد عن الله وما خلقت النار
إلا لإذابة القلوب القاسية. فإذا قسا القلب قحطت العين.
وقسوة القلب من أربعة أشياء إذا جاوزت قدر الحاجة: الأكل والنوم والكلام والمخالطة.
وكما أن البدن إذا مرض لم ينفع فيه الطعام والشراب، فكذلك القلب إذا مرض بالشهوات
لم تنجع فيه
المواعظ
ثم قال رحمه الله
من أراد صفاء قلبه فليؤثر الله على شهوته. لأن القلوب المتعلقة بالشهوات محجوبة
عن الله بقدر تعلقها بها. والقلوب آنية الله في أرضه فأحبها إليه أرقها وأصلبها وأصفاها،
شغلوا قلوبهم بالدنيا. ولو شغلوها بالله والدار الآخرة لجالت في معاني كلامه وآياته المشهودة
ورجعت إلى أصحابها بغرائب الحكم من الفوائد, إذا غذي القلب بالتذكر وسقي بالتفكر
ونقي من الفساد رأى العجائب وأُلهم الحِكم.
خراب القلب من الأمن والغفلة وعمارته من الخشية والذكر. لا تدخل محبة الله في
قلب فيه حب الدنيا إلا كما يدخل الجمل في سم الإبرة. وقال: إنما يقطع السفر ويصل
المسافر بلزوم الجادة وسير الليل، فإذا حاد المسافر عن الطريق ونام الليل كله فمتى
يصل إلى مقصده
قال ابن القيَّم رحمه الله
(فائدة جليلة)
وحمل عنه كل ما أهمَّه... وفرّغ قلبه لمحبته.. ولسانه لذكره.. وجوارحه لخدمته وطاعته
وإذا أصبح وأمسى والدنيا همُّه.. حمَّله الله همومها وغمومها وأنكادها.. ووكله إلى نفسه
فشغل قلبه عن محبته بمحبة الخلق – ولسانه عن ذكره بذكرهم وجوارحه عن طاعته بخدمتهم
وأشغالهم.. فهو يكدح كدح الوحش في خدمة غيره.. كالكير ينفخ بطنه.. ويعصر أضلاعه
في نفع غيره فكل من أعرض عن عبودية الله وطاعته ومحبته بلي بعبودية المخلوق ومحبته..
قال تعالى
(وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ
وقال رحمه الله
كيف يَسْلَمُ؟ من له زوجة لا ترحمه.. وولد لا يعذره.. وجار لا يأمنه وصاحب لا ينصحه
وشريك لا ينصفه.. وعدو لا ينام عن معاداته.. ونفس أمَّارة بالسوء.. ودنيا متزينة
وهوى مردٍ..وشهوة غالبة له.. وغضب قاهر وشيطان مزيَّن.. وضعف مستولٍ عليه
فإن تولاه الله وجذبه إليه انقهرت له هذه كلها.. وإن تخلى عنه ووكله إلى نفسه
اجتمعت عليه فكانت الهلكة
وقال: اطلب قلبك في ثلاثة مواطن
1- عند سماع القرآن.
2- وفي مجالس الذكر.
3- وفي أوقات الخلوة.
فإن لم تجده في هذه المواطن فسَلِ الله أن يمنَّ عليك بقلبٍ فإنه لا قلب لك